الرباط.. ملتقى عربي يبحث أثر الحُكم الدستوري في النظم الدستورية المقارنة
الرباط..ملتقى عربي يبحث أثر الحُكم الدستوري في النظم الدستورية المقارنة

انطلقت، اليوم الأربعاء بالرباط، أشغال الملتقى العلمي الثاني عشر لاتحاد المحاكم والمجالس الدستورية العربية، حول موضوع “أثر الحُكم الدستوري في النظم الدستورية المقارنة”.
ويشارك في هذا اللقاء المنظم على مدى يومين، نخبة من رؤساء وقضاة المحاكم والمجالس الدستورية الأعضاء في الاتحاد، بهدف تبادل الخبرات والآراء حول موضوع الملتقى، واستشراف آفاق تعزيز التعاون، بما يخدم سمو الدستور وترسيخ دولة القانون.
وفي كلمة خلال الجلسة الافتتاحية للملتقى، أكد رئيس المحكمة الدستورية، محمد أمين بنعبد الله، أن موضوع هذا اللقاء يكتسي أهمية بالغة، لأنه يطرح إشكالية أساسية في القضاء الدستوري تتعلق ب”تأثير القضاء على المشرع بالقياس إلى الدستور والمبادئ الدستورية التي تعد عقدا لكل المجتمع”.
وأوضح السيد بنعبد الله أن “جميع الدساتير تنص على أن قرارات المجلس الدستوري تطبق على الجميع وتكون نهائية، ومع ذلك هناك قرارات لا تلغي القانون مباشرة، بل تشترط دستوريته وفقا للطريقة التي يحددها المجلس، وهو ما يعرف ب”التحفظ التأويلي”، مبرزا أن “هذه التحفظات التأويلية لها أثر مهم بالنسبة للمشرع والإدارة والمواطنين عند تطبيق القانون، خصوصا في حالة وجود عبارات غير واضحة أو ذات معان متعددة، حيث تتدخل المحكمة الدستورية لتحديد التأويل السليم”.
وأضاف أن المجلس الدستوري في المغرب الذي حلت محله المحكمة الدستورية، سبق له أن قرر في عدد من قراراته أن “الأحكام التي يقضي بدستوريتها شريطة تفسير معين يجب أن تُضمن في النص مقترنة بهذا التفسير، حتى لا تترك للتأويل أو الاجتهاد المتباين”، معتبرا أن هذا التأويل يصبح جزءا من القانون ما دام لم ينسخ.
كما أشار السيد بنعبد الله إلى أن المجلس الدستوري رسخ العديد من المبادئ، من بينها مبدأ قرينة البراءة الذي اعتبره آنذاك من المبادئ ذات القيمة الدستورية قبل أن يتبناه المشرع الدستوري في ما بعد ويُدرجه في الدستور بشكل صريح.
من جهته، أكد الأمين العام لاتحاد المحاكم والمجالس الدستورية العربية، رئيس المحكمة الدستورية العليا في جمهورية مصر العربية، بولس فهمي إسكندر، أن هذا الملتقى يعتبر فضاء تتبلور فيه الأفكار وتتلاحم الرؤى للوصول إلى معايير مشتركة بين أعضاء الهيئات القضائية الدستورية في العالم العربي، سواء في أعمالهم أو قضائهم أو آرائهم الدستورية.
كما أبرز أن هذا اللقاء يقوم على فكرة توحيد المفاهيم وإذابة الفوارق بين النصوص الدستورية العربية، معتبرا في هذا السياق أن “الدول التي تحتفي بقضائها الدستوري هي الدول الديمقراطية وأن العالم العربي جزء من هذا المسار”.
وشدد السيد فهمي إسكندر على أن القضاء الدستوري يتعامل مع الوثيقة الأعلى أي الوثيقة الدستورية التي تعد “قانون القوانين”، مسجلا أن تخصيص هذا الملتقى لموضوع الحكم الدستوري في الأنظمة المقارنة يعد خطوة مهمة في مسار تعزيز الفكر الدستوري العربي المشترك.
ويركز الملتقى، من خلال جلساته العلمية والمداخلات القيمة للرؤساء وأعضاء ومستشاري المحاكم والمجالس الدستورية المشاركة، على إبراز آثار الحكم الدستوري وتجلياته في النظم الدستورية المقارنة، فضلا عن استعراض أساليب وآليات الرقابة الدستورية، ومناقشة حجية الحكم الدستوري.
كما ينكب المشاركون على دراسة التحولات الكبرى التي تشهدها العدالة الدستورية ورصد التحديات المشتركة التي تواجه فعالية القرارات والأحكام الدستورية، مع الوقوف على الدور المحوري للقاضي الدستوري في بلورة الممارسة الدستورية وتطويرها من خلال اجتهاداته القضائية.
ويأتي هذا الملتقى الإقليمي في إطار الملتقيات العلمية التي ينظمها دوريا اتحاد المحاكم والمجالس الدستورية العربية منذ إنشائه سنة 1997، لتحقيق الأهداف المسطرة في نظامه الأساسي. وقد تم اختيار المغرب بالإجماع لاحتضان هذه الدورة، على أن تعقد الدورة المقبلة بمملكة البحرين.



